فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة النساء: الآيات 116- 117]:

{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا (116) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطانًا مَرِيدًا (117)}

.اللغة:

{مَرِيدًا} المريد والمارد هو الذي بلغ الغاية في الشرّ والفساد، يقال: مرد من بابي نصر وظرف إذا عتا وتجّبر فهو مارد ومريد، وأنّث الأصنام لأنها في عرفهم كذلك، وأشهرها اللات والعزّى ومناة.
وعن الحسن أنه لم يكن حيّ من أحياء العرب إلا كان لهم صنم يعبدونه ويسمونه أنثى بني فلان. وسيأتي مزيد تفصيل عن هذه الأصنام عند ذكرها بأسمائها.

.الإعراب:

{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} كلام مستأنف مسوق للتأكيد على عدم غفران الشرك. وإن واسمها، وجملة لا يغفر خبرها، والمصدر المؤول من أن وما في حيزها مفعول يغفر، وبه متعلق بيشرك {وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ} الواو عاطفة، ويغفر فعل مضارع والفاعل هو، وما اسم موصول مفعول به، ودون ذلك ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول، والجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول، ولمن يشاء متعلقان بيغفر، وجملة يشاء صلة الموصول {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ} الواو حرف عطف، ومن اسم شرط جازم مبتدأ، ويشرك فعل الشرط والجار والمجرور متعلقان بيشرك {فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا} الفاء رابطة، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وضلالا مفعول مطلق وبعيدا صفة، وجملة الشرط والجواب خبر من {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثًا} الجملة تعليلية لا محل لها، وإن نافية، ويدعون فعل مضارع وفاعل، ومن دونه متعلقان بيدعون، وإلا أداة حصر، وإناثا مفعول به أو صفة لمفعول به محذوف، أي: أصناما مؤنثة لتأنيث أسمائها كاللات والعزى ومناة، وقيل: لأنهم كانوا يلبسونها أنواع الحليّ، ويزينونها على هيئات النساء {وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطانًا مَرِيدًا} الواو عاطفة وإن نافية، ويدعون فعل وفاعل، وإلا أداة حصر شيطانا مفعول به، ومريدا صفة.

.[سورة النساء: الآيات 118- 121]:

{لَعَنَهُ اللَّهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُورًا (120) أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصًا (121)}

.اللغة:

(تبكيت الآذان): قطعها أو شقها، كانوا يشقون أذن الناقة إذا ولدت خمسة أبطن وجاء الخامس ذكرا، وحرّموا على أنفسهم الانتفاع بها. وذلك من عاداتهم. كما كانوا يغيّرون خلق اللّه، فيفقئون عيون الأنعام إعفاء لها من الركوب، أو يخصونها. ومن التغيير في خلق اللّه الوشم، وفي الحديث: «لعن اللّه الواشرات المرققات أسنانهن والمتنضات والمتنفشات»، أي اللواتي ينتفن شعورهن.
{مَحِيصًا} مصدر حاص عنه إذا عدل وحاد. وله مصادر متعددة، منها أيضا حيوصا ومحاصا وحيصانا، بفتح الياء.

.الإعراب:

{لَعَنَهُ اللَّهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} الجملة لا محل لها من الإعراب لأنها دعائية أو مستأنفة، وجعلها بعضهم صفة لـ {شيطانا} في الآية السابقة، وأرى فيه بعدا وتكلفا، ولعنه اللّه فعل ومفعول به وفاعل، وقال الواو استئنافية أو حالية بتقدير قد، وجملة القسم مقول القول، واللام جواب قسم محذوف، وأتخذن فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة وجملة اتخذن لا محل لها لأنها جواب قسم محذوف، ومن عبادك متعلقان بأتخذن، ونصيبا مفعول به، ومفروضا صفة {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ} الجمل الثلاث معطوفات على أتخذن، فهي مقولات الشيطان الخمس {فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ} الفاء عاصفة، وآذان الانعام مفعول به {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} عطف أيضا، وأصل يغيرن: يغيروننّ، فحذف النون للجزم بلام الأمر، وحذفت الواو لالتقاء الساكنين، وخلق اللّه مفعول به {وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ} الواو استئنافية ومن اسم شرط جازم مبتدأ، ويتخذ فعل الشرط والشيطان مفعول به أول ووليا مفعول به ثان ومن دون اللّه متعلقان بمحذوف صفة لـ {وليا} {فَقَدْ خَسِرَ خُسْرانًا مُبِينًا} الفاء رابطة، وقد حرف تحقيق، وخسرانا مفعول مطلق، ومبينا صفة، والجملة في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر من {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُورًا} الجملة مستأنفة مسوقة لبيان حقيقة مواعيد الشيطان الكاذبة.
ومفعولا يعدهم ويمنيهم محذوفان للعلم بهما، وما الواو حالية، وما نافية ويعدهم الشيطان فعل ومفعول به وفاعل، وإلا أداة حصر، وغرورا يحتمل أن يكون مفعولا ثانيا لـ {يمنيهم} أو مفعولا لأجله أو مفعولا مطلقا، أي: ذا غرور، وهي متساوية الرجحان {أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ} الجملة مستأنفة، وأولئك مبتدأ، ومأواهم مبتدأ ثان، وجهنم خبر مأواهم، والجملة الاسمية خبر أولئك {وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصًا}
الواو عاطفة، ولا نافية، ويجدون فعل مضارع وفاعل، ومحيصا مفعول به، وعنها متعلقان بمحذوف حال، لأن المصدر لا يعمل فيما قبله.

.[سورة النساء: آية 122]:

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)}

.اللغة:

{قِيلًا} مصدر كالقول والقال، وقال ابن السّكّيت: القال والقيل: اسمان لا مصدران.

.الإعراب:

{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} الواو استئنافية، والذين مبتدأ، وجملة آمنوا صلة وعملوا الصالحات فعل وفاعل ومفعول به {سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَدًا} سندخلهم فعل مضارع ومفعوله الأول، والفاعل مستتر تقديره نحن والجملة خبر اسم الموصول، وجنات مفعول به ثان على السعة أو منصوب بنزع الخافض وقد تقدم، وجملة تجري إلخ صفة لجنات، وخالدين حال، وفيها متعلقان بخالدين، وأبدا ظرف متعلق بخالدين أيضا {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا}
وعد اللّه مفعول مطلق لفعل محذوف، وحقا مفعول مطلق لفعل محذوف أيضا، وقيل: هو نصب على الحال، وفي النفس منه شيء {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} الواو استئنافية، ومن اسم استفهام مبتدأ وأصدق خبر ومن اللّه متعلقان بأصدق، وقيلا تمييز.

.[سورة النساء: الآيات 123- 124]:

{لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)}

.اللغة:

(النقير): أصله النكتة في ظهر النواة كما تقدم، وهو كناية عن القلة. وللنون مع القاف إذا كانتا فاء للفعل وعينا له معنى فريد يكاد يكون مطّردا، وهو التأثير وترك الأثر بعده، فنقب الحائط معروف، ونقب البيطار سرّة الدابة بالمنقب فأخرج ماء أصفر، ونقح الكلام والشعر، ونقحته السنون نالت منه، ونقده الثمن، ونقد الدرهم أي: ميز جيده ورديئه، وهو من نقدة الشعر ونقاده، ونقر الطائر الحب بمنقاره، ونقر العود والدف: استحدث لهما صوتا بعيد الأثر. وهذا من أوابد هذه اللغة وغرائبها.

.الإعراب:

{لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ} كلام مستأنف مسوق لبيان أن المفاضلة إنما تكون بالعمل الصالح والإنتاج المثمر وأن الايمان ما وقر في القلب ودعمه العمل. وليس فعل ماض ناقص، واسمها فيه خلاف عند النحاة والمعربين، فقيل: هو الوعد، لأنه ليس منوطا بالأماني، وقيل: هو الإيمان المفهوم من قوله: {والذين آمنوا}، وذلك كله وارد وجيد والمرجع واحد. والباء حرف جر زائد، وأمانيكم مجرور لفظا منصوب محلا لأنه خبر ليس، ولا أماني أهل الكتاب عطف على أمانيكم {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} الجملة استئنافية أو مفسرة، وعلى كل حال لا محل لها من الإعراب، ومن اسم شرط جازم في محل رفع مبتدأ، ويعمل فعل الشرط، وسوءا مفعول به، ويجز جواب الشرط وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وبه متعلقان بـ {يجز}، وفعل الشرط وجوابه خبر من {وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا} عطف على {يجز} مجزوم مثله، وله جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال، لأنه كان في الأصل صفة لـ {وليا} فتقدم عليها، ومن دون اللّه متعلقان بيجد، بمثابة المفعول الأول، ووليا هو المفعول الثاني ونصيرا عطف على {وليا} {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} الواو عاطفة، ومن اسم شرط جازم مبتدأ، ويعمل فعل الشرط، ومن الصالحات متعلقان بيعمل، ومعنى من التبعيض، لأن استيعاب الصالحات غير متاح للمكلفين، وعجيب قول الطبري: إنها زائدة، وليس بشيء.
ومن ذكر متعلقان بمحذوف حال لأنها أزالت الإبهام عن من، أو أنثى معطوفة، الواو حالية وهو مبتدأ ومؤمن خبر والجملة نصب على الحال، {فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} الفاء رابطة لجواب الشرط، واسم الاشارة مبتدأ وجملة يدخلون الجنة خبر، ولا يظلمون عطف على يدخلون، ونقيرا مفعول مطلق وقد تقدم بحثه. وجملة أولئك يدخلون في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط، وجوابه في محل رفع خبر من.

.[سورة النساء: الآيات 125- 126]:

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا (125) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)}

.الإعراب:

{وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} الواو استئنافية، ومن اسم استفهام مبتدأ، وأحسن خبره، ودينا تمييز محوّل عن المبتدأ، وممن متعلقان بأحسن، وجملة أسلم وجهه صلة الموصول لا محل لها، وللّه متعلقان بـ {أسلم}، والواو حالية، وهو مبتدأ ومحسن خبر، والجملة حال من الضمير في {أسلم}، {وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفًا} الواو عاطفة، وجملة اتبع معطوفة على جملة أسلم داخلة في حيز الصلة، وملة ابراهيم مفعول به، وحنيفا حال من فاعل اتبع أو من ابراهيم أي: مائلا إلى الدين القويم {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا} الواو واو الاعتراض، وجملة اتخذ اللّه ابراهيم اعتراضية، فائدتها التوكيد على تقريب ابراهيم وتمييزه بأنه اتخذه اللّه خليلا، وخليلا مفعول به ثان لاتخذ {وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} الواو استئنافية، وللّه متعلقان بمحذوف خبر مقدم، وما اسم موصول مبتدأ مؤخر، وفي السموات متعلقان بمحذوف صلة الموصول، وما في الأرض عطف على ما في السموات {وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا} الواو عاطفة أو استئنافية، وكان واسمها، ومحيطا خبرها، وبكل شيء متعلقان بـ {محيطا}.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا} اعتراض والاعتراض عبارة عن جملة أو أكثر تعترض أثناء الكلام أو بين الكلامين المتصلين وتفيد زيادة في معنى غرض المتكلم غير دفع الإيهام وقد تقدم الكلام عليه عند قوله في البقرة {ولن تفعلوا} ونضيف اليه انه يكون لأغراض متعددة فقد يكون للتنبيه والبيان، قال الشاعر:
واعلم فعلم المرء ينفعه ** إن سوف يأتي كل ما قدرا

فقوله: فعلم المرء ينفعه اعتراض للتنبيه والبيان ومثله ما يحكى أن الراضي باللّه كتب يعتذر إلى أخيه المقتفي وهما في المكتب، وكان المقتفي قد اعتدى على الراضي والراضي هو الكبير منهما فكتب اليه الراضي:
يا ذا الذي يغضب من غير شي ** اعتب فعتباك حبيب إليّ

أنت على انك لي ظالم ** أعز خلق اللّه كلّا عليّ

فقوله: على أنك لي ظالم اعتراض للتنبيه أما في الآية المتقدمة فهي تفيد التأكيد على وجوب اتباع ملة ابراهيم لأن من بلغت به الرتبة والزلفى عند اللّه أن اتخذه خليلا يوافقه في الخلال كان جديرا بأن تتبع ملته.
وقيل في سبب تسميته ابراهيم خليل اللّه ان ابراهيم عليه السلام بعث إلى خليل له بمصر في أزمة أصابت الناس يمتار منه فقال خليله:
لو كان ابراهيم يطلب الميرة لنفسه لفعلت ولكنه يريدها للاضياف فاجتاز غلمانه ببطحاء لينة، فملئوا منها الغرائر (أي العدول) حياء من الناس فلما أخبروا ابراهيم عليه السلام ساءه الخبر وحملته عيناه وعمدت امرأته إلى غرارة منها فأخرجت أحسن حواري (أي دقيق) واختبزت واشتم ابراهيم رائحة الخبز فقال: من أين لكم؟ فقالت امرأته: من خليلك المصري فقال: بل من عند خليلي اللّه عز وجل فسماه اللّه خليلا.

.[سورة النساء: آية 127]:

{ويَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيمًا (127)}

.اللغة:

{يَسْتَفْتُونَكَ}: يطلبون منك الفتوى. والفتوى بفتح الفاء، والفتيا بضمها، والجمع الفتاوي بكسر الواو، ويجوز الفتاوى بفتحها للتخفيف.

.الإعراب:

{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} الواو استئنافية، والجملة مستأنفة مسوقة للعودة إلى ذكر النساء، وبقية ما يتعلق بهنّ من أحكام. ويستفتونك فعل مضارع وفاعل ومفعول به، وفي النساء متعلقان به، وقل فعل أمر وفاعله أنت، والجملة مستأنفة أيضا، واللّه مبتدأ، ويفتيكم فعل مضارع ومفعول به، والجملة خبر، وجملة اللّه يفتيكم في محل نصب مقول القول، وفيهن متعلقان بيفتيكم {وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ} لك أن تجعل الواو عاطفة فيكون اسم الموصول معطوفا على اللّه، أي: اللّه يفتيكم والمتلوّ في كتابه.
ولك أن تجعلها اعتراضية فتكون الجملة معترضة لا محل لها، وتكون ما مبتدأ خبره محذوف دل عليه ما قبله، أي: يفتيكم. وعليكم متعلقان بيتلى، وفي الكتاب متعلقان بمحذوف حال، وفي يتامى النساء متعلقان بمحذوف بدل من {فيهن}. وإضافة {يتامى} إلى [النساء] من باب اضافة الصفة إلى الموصوف {اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ} اللاتي اسم موصول صفة للنساء، وجملة لا تؤتونهن صلة، وما اسم موصول مفعول به ثان، وجملة كتب صلة، ولهن متعلقان بكتب {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} عطف على تؤتونهن. وأن تنكحوهن مصدر مؤوّل منصوب بنزع الخافض وهو في، أي: في أن تنكحوهن لجمالهن وما لهنّ، أو عن، أي: ترغبون عن نكاحهن لدمامتهن وفقرهن، فهو من الكلام الموجه كما سيأتي في باب البلاغة {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ} عطف على يتامى النساء ومن الولدان متعلقان بمحذوف حال {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ} الواو عاطفة والمصدر المؤول مجرور عطفا على المستضعفين، أو تجعل المصدر منصوبا بنزع الخافض، فيكون الجار والمجرور متعلقين بمحذوف معطوف على ما تقدم، أي: ويأمركم بأن تقوموا. ولليتامى متعلقان بمحذوف حال، وبالقسط متعلقان بتقوموا {وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيمًا} الواو استئنافية، وما اسم شرط جازم مبتدأ، وتفعلوا فعل الشرط وعلامة جزمه حذف النون، ومن خير متعلقان بتفعلوا، والفاء رابطة، وجملة إن اللّه في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر ما، وجملة كان في محل رفع خبر إن وعليما خبر كان. وبه الجار والمجرور متعلقان بـ {عليما}.